اقتصادالقيادة & إدارة الأعمال
حياتي في الادارة
لعل هذا العنوان ليس بغريبٍ على كثير ممَّن لهم اهتمام بالشأن الإداريِّ، وهو عُنوانٌ لكتاب الدكتور غازي القصيبي رحمه الله، سرد فيه ملخَّص حياته الإدارية، وما اعتراها من نجاحات وإخفاقات، وهو في العموم كتاب قيِّم ومتميز لمن هم بحاجة إلى تنمية الذكاء العاطفيِّ، وترتيب الأولويات، واقتناص الفرص؛ لإحداث تغيير إيجابيٍّ.
لعلِّي أحاكي الدكتور القصيبي وأكتب بعض مذكراتي خلال عملي في الإدارة الذي امتدَّ إلى ما يقارب العقد من الزمن، مررتُ فيه بكثير من المنعطفات والتعلم.
من خلال هذه التجرِبة البسيطة، وبعد مراجعةٍ داخلية، وجدتُ أني أصبتُ في بعض القرارات، وأخفقت في بعضها، ولعل هدفي مِن سرد تجرِبتي الخاصة، هو الاستفادة منها في تكوين جيل قياديٍّ متمكِّن.
لعلِّي ألخِّص هذه التجرِبة في نقاط سريعة وميسَّرة:
• لعل من الأمور التي أعتبر نفسي نجحت فيها: اكتشافَ بعض الطاقات المبدِعة من شباب وطننا، أذكر منها كمثالٍ: كان هناك بعض الأجانب في أحد الأقسام التي أدرتُها، يشرفون على بعض الأجهزة الدقيقة والمعقَّدة نوعًا ما، وكان الجميع لديه قناعة ويقين أن هؤلاء لا يمكِن الاستغناء عنهم يومًا ما.. اتَّخذتُ قرارًا ألا تتجاوز مدة بقائهم في القسم أكثر من سنتين، قمنا بتدريب شبابنا حتى استطاعوا في فترةٍ قصيرة – ولله الحمد – إتقانَ عمل هذه الأجهزة والإحاطة بكل تعقيداتها، بعد ذلك مباشرة تم الاستغناء عن الموظَّفين الأجانب، وإحلال شباب الوطن بهم.
• من المواقف التي لا أنساها عند مراجعتِنا للتقييم السنويِّ للموظَّفين، وجدت أحد الموظَّفين على مدار سنتين يحصل على تقييم متواضع، رغم تميُّزه الدراسيِّ وحصوله على شهادة الشرف من الكلية التي تخرج فيها، حينئذٍ قرَّرنا إعطاءه مَهَمَّةً تختلف عن عمله الروتيني، وتمتاز هذه المَهمَّة بضرورة البحث والقراءة؛ لتشغيل بعض الأجهزة المتقدِّمة والحديثة جدًّا، وحصلنا فعلًا على ما كنَّا نتمناه؛ حيث استطاع – بفضل مهاراته البحثية – أن يُطوِّع هذه التِّقْنِيَةَ للاستفادة منها بأفضل وأسهل الطرق؛ نتيجة لذلك نقلَتْ كثيرٌ من الشركات المحلية والدولية نظامَ تشغيل هذه الأجهزة والاستفادة منها، ويعود الفضل لهذه الموهبة، التي أحمد الله أننا كنَّا سببًا في اكتشافها.
• قمنا بإعداد برنامج تدريب مركَّز، استطعنا من خلاله – ولله الحمد – تخريجَ العديد من الشباب بكفاءة عالية، ومن ثَمَّ ترسيمهم وانضمامهم لكوكبة موظفي الشركة، بعد أن كان ذلك يستغرق وقتًا طويلًا، بسبب عدم الكفاءة والملاءمة لمتطلبات العمل.
• نتيجة هذا البرنامج المكثَّف تم – ولله الحمد – ترسيم ما يزيد عن عشرين موظفًا واستفادتهم من مميزات الشركة.
• لأول مرَّة يفوز القسم بجائزتَيْ أفضل التجارِب والممارسات من الشركة، ومن شركات عالمية أخرى، وهذا يُبيِّن مدى جاهزية شباب الوطن للإبداع والتميز، متى ما أعطيت لهم الفرصة والبيئة المناسبة للتحفيز والإبداع.
• لعل من الأمور التي يحسن للقائد أن يتعلَّمها: أن الطاقاتِ والقُدُراتِ للأفراد مُهمَّةٌ جدًّا في حسن الاختيار في المكان المناسب، فلا يعني أن موظفًا مبدعًا في مجال معيَّن أنه سيكون كذلك في موقع آخَرَ.
• شاركتُ في العديد من المؤتمرات على مستوى المملكة؛ كمتحدِّث رسميٍّ، وكانت مشاركاتي تتعلَّق بأفضل الممارسات والتطبيقات للشركة في مجال الجودة الشاملة وتطبيقاتها، وتَكمُنُ أهمِّيَّةُ هذه المؤتمرات في تعزيز ثقافة التميز والإبداع في وطننا الغالي.
لعلِّي أختم هذه الرحلة الماتعة في عملي الإداريِّ بأن أشكر قيادة الشركة وكل منسوبيها على ما قدَّموه لي من دعم ومساندة، خلال فترة انتمائي لهذا الكيان الكبير، الذي يُعتبَر أحدَ روافد العلم والمعرفة والإنتاجية في مملكتنا الغالية.
كما أني أريد أن أؤكِّد لكل القادة الجدد في أي مؤسسة أو شركة أن يجعلوا محورَ اهتمامهم وتركيزهم على الطاقات البشرية؛ فهم حجر الزاوية للانطلاق والإبداع في كافَّة المجالات، وحتى يصل القائد إلى إبداعٍ وتميز فريقه وأفراد مؤسسته؛ عليه أن يُهيِّئ البيئة الإيجابية التي تحفِّز الموظَّفين وتشجعهم، وتجعلهم يشعرون بصدق الولاء والانتماء لكيانهم الذي يعملون فيه.
الكاتب : علي الغامدي .
الصور : pixpay .
المصدر : شبكة الالوكة الاجتماعية .