البلداندراساتعقارات

مدينة القصر الكبير إمارة بني اشقيلولة (الجزء 3)

أضواء على إمارة أندلسية بالمغرب على عهد الدولة المرينية

بقلم : عبد القادر الغزاوي

الحلقة الثالثة :

ومن الغريب في الأمرأنه بانتهاء هذه الإمارة ، ظهرت قصة اختفاء رؤساء بني اشقيلولة من مدينة القصر الكبير، ولم يبق لهم أثرأو عمل، بل لم يتركوا قصرا أو منزلا أو مسجدا أو مدرسة أو إقامة أو قلعة في المدينة، أو بناءات كانت تأويهم، فقد اختفى الأمراء والشخصيات الرئيسية التي كانت تلعب دورا مهما في تدبير وتسيير شؤون هذه الإمارة، ولا يوجد إسم لأسرة بني اشقيلولة، أو أي شيء يذكرنا بهذه الإمارة الأندلسية، كأنهم ما كانوا، ربما يرجع ذلك إلى عدم المعرفة والاهتمام بها، نظرا لقلة المصادر والمراجع والوثائق التي تؤرخ لهذه الحقبة التي أقاموا فيها بالمدينة.

باستثناء ما جاء في كتاب الناصري، بأن انقراضهم كان آخر دولة بني مرين، دون أن يشير إلى تاريخ انقراضهم، أو آخر حاكم لهم. مع الإشارة إلى أن المغرب ( نعم تحت حكم المرينيين بالاستقرار والسلم والرخاء أكثر من قرنين كاملين من سنة 660 إلى 876ه ) .

في حين لما زار ابن الخطيب مد ينة القصر الكبير سنة 755ه، لم تكن أسرة بني اشقيلولة موجودة بها، مما يعني أنهم لم يبقوا إلى نهاية حكم بني مرين. وهو ما يدعو إلى البحث والتنقيب، عسى التاريخ يزيدنا معرفة واطلاعا أكثر عن مصير هذه الأسرة .

مع العلم إذا أخذنا بعين الاعتبار تاريخ قدوم الرؤساء بني اشقيلولة إلى مدينة القصرالكبيرسنة687ه، وتاريخ زيارة ابن الخطيب للضريح سنة 755ه، نجد أن الفرق الزمني لا يتجاوز 78 سنة ، أي أن هذه الأسرة اختفت واختفى أثرها خلال هذه المدة.

وعلى الرغم من وجود اختلاف في تاريخ قدوم “الرؤساء بني اشقيلولة ” إلى مدينة القصر الكبير، وإسم أول حاكم لهم بها، حسب ما سبق ذكره سالفا، تبقى مشاهدة لسان الدين بن الخطيب ووصفه للضريح ، ونقله ما رآه بالمقبرة عند زيارته للمدينة، على الأقل هي التي يمكن الأخذ بها، والاعتماد عليها . وحتى مقبرة “ضريح سيدي الرايس” التي بقيت من آثار أسرة الرؤساء بني اشقيلولة بالقصر الكبير، تعرضت للإهمال والتخريب وعدم الصيانة ، فأصبحت في عداد الآثار المندرسة، (وكان هذا الضريح بقبته قد اختفى بعد أن غمره التراب بفعل الفيضانات وعوادي الزمن التي عرفتها المدينة، إلى أن عمل المراقب الإسباني كاخيكاس أوائل عهد الاستعمار الإسباني، على الكشف عنه وإصلاحه وترميمه، وذلك سنة 1923م. إلا أن الخراب أصابه مرة أخرى وتضررت قبته وأصبحت على وشك الانهيار، ووقع الترامي على أجزاء من المقبرة المحيطة به ) ، فأ صبحت على عروشها خاوية، الشيء الذي يدعو إلى القلق والأسف على ما آلت إليه هذه المقبرة، وعلى مظهر الإهمال المؤسف والبادي عليها، بعد إصلاحها وترميمها. وتكريما واعترافا من أهل المدينة على ما أسداه كاخيكاس من خدمات جليلة للمدينة ، خلدوا ذكراه في لوحة تذكارية، توجد بأسفل برج الساعة الحائطية بساحة سيدي بواحمد،( تقول الكتابة وهي ركيكة في مبناها خاطئة في رسمها: ” الحمد لله هذ الرسم شهادة من أهل القصر قضيبتا (بمعنى قاطبة) لسعادة القنصل السنيور ضون سيدر دلاص كخكص بها نحن قد رسمنا هاذ الرسم اعترافا له بالمحبة الذي تمزجت (يعني امتزجت) بيننا وبينه مع توضيح ما شهدناه عليه من الحزم والضبط واهتمامه بمصالح بلدتنا وتحصين حقوقنا والعدل فيما بيننا فانه نوه بمحافظته على تقاليد بلدتنا محافظة اعادة الصضور تتزخرف (يعني اعادت الصدور تلهج) باسمه داعين بعزته وعلو درجته ودوام العزله أبد الدهر راجين من الله الضفر(الظفر) والنصر لجلالة الملك ولأعوانه ولدولته الحامية الفخيمة لاصبنيولية. ارخ هاذ الرسم في 19 رمضان عام 1347″) (1928) . والتي هي الأخرى في طريق الإتلاف والتلاشي إن لم تدركها يد الإصلاح والترميم .

والجدير بالذكر أن هذا العمل المتواضع والمختصر، أقدمه مساهمة مني في محاولة بسيطة لتسليط الأضواء على هذه الحقبة من تاريخ مدينة القصر الكبير التي ظهرت فيها أسرة الرؤساء بني اشقيلولة، وأسست إمارة أندلسية بها، فسادت ثم بادت، ولم يبق لها أثر، خاصة أن هذه الفترة، تستحق مزيدا من البحث والإضافة والتوضيح والتذكير بها، فإن (الذكرى تنفع المؤمنين) ، خصوصا حسب اعتقادي أنه يوجد نقص وندرة في المعلومات والمصادر والمراجع، التي تؤرخ وتتناول حياة هذه الأسرة بمدينة القصر الكبير.

ويمكن متابعة البحث والمراجعة في هذا الموضوع ممن لهم اهتمام بهذا الجانب من تاريخ مدينة القصر الكبير، وفي أسرة بني اشقيلولة الأندلسية، التي أقامت عدة سنوات بالقصر الكبير، من أجل الوصول إلى كل ما من شأنه أن ينير السبيل ويفسح المجال لمعرفة ما خفي وما بقي مجهولا بالنسبة لهذه الأسرة. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

××× المراجع 1- كتاب معجم البلدان ،ياقوت الحموي، المجلد الرابع، السنة 1979. 2- كتاب جمهرة أنسلب العرب، لابن حزم الأندلسي، تحقيق عبد المنعم خليل ابراهيم، الطبعة الخامسة، السنة 2009.

3- كتاب الهبط عبر العصور القصر الكبير عاصمة الهبط العرائش أعرق مرسى مغربية في المحيط الأطلسي، عبد العزيز بنعبدالله السنة2008.

4- كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة، لسان الدين بن الخطيب،تحقيق محمد عبد الله عنان،المجلد الثالث.الطبعة الأولى.السنة1975.

5- مجلة المناهل، العدد1،السنة 1974،القصر الكبير أول حاضرة في المغرب،عبد العزيز بن عبدالله.

6- كتاب مدينة القصر الكبير تاريخ ومجتمع ووثائق، الحاج عبد السلام القيسي،السنة2006.

7- كتاب الاستقصا، أحمد الناصري ، الجزء الثالث،السنة1954.

8- كتاب دولة الإسلام في الأندلس:نهاية الأندلس وتاريخ العرب المنتصرين ،العصر الرابع، محمد عبد الله عنان ،الطبعة الرابعة،السنة1987.

9- كتاب المغرب عبر التاريخ، إبراهيم حركات ،الجزء الثاني،السنة2000.

10- كتاب تاريخ المغرب، التهامي الوزاني، الجزء الأول، السنة 1940.

11- كتاب تاريخ إسبانيا الإسلامية أو كتاب أعمال الأعلام في من بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام، ليفي بروبنسال ،السنة2006.

12-كتاب أعلام مالقة، لأبي عبد الله بن عسكر وأبي بكر بن خميس، تحقيق عبد الله المرابط الترغي، الطبعة الأولى، السنة 1999.

13- كتاب مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن،أبو حامد محمد العربي بن يوسف الفاسي ،تحقيق الشريف محمد حمزة الكتاني،الطبعة الأولى.السنة2008. 14- كتاب الشتيت والنثير من أخبار القصر الكبير ، محمد بنخليفة ،السنة 2006.

15- كتاب المغرب،الصديق بن العربي،الطبعة الثانية،السنة1956.

16- الوثائق الشخصية للأستاذ الحاج عبد السلام القيسي.

17- نشرة المجلس البلدي لمدينة القصر الكبير(ملحق ثقافي اجتماعي)، بمناسبة الذكرى 29 لعيد العرش المجيد سنة 1988.

Tags

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Close